ما يجب أن تعرفه قبل توقيع عقد قرض لشراء مسكن

 


الحماية القانونية للمقترض في المغرب: 

ما يجب أن تعرفه قبل توقيع عقد قرض لشراء مسكن

✍️ بقلمالمحامي ماء العينين إعيش
مدونة المحامي ماء العينين إعيش

يعتبر القرض السكني من أكثر الأدوات المالية استعمالًا في المغرب من طرف الأفراد الراغبين في اقتناء أو بناء مسكن خصوصا في ظل ارتفاع أسعار العقارات وتزايد الطلب عليها .

 غير أن إبرام عقد قرض عقاري يطرح إشكالات قانونية عديدة تتعلق أساسًا بعلاقة المقترض بالمؤسسة البنكية، وهو ما دفع المشرع المغربي إلى إقرار جملة من الضمانات القانونية التي تهدف إلى حماية الطرف الضعيف في هذه العلاقة وهو المقترض.

حيث ينظم القرض السكني في المغرب عبر مجموعة من النصوص القانونية أبرزها القانون البنكي رقم 103.12، و قانون حماية المستهلك (القانون رقم 31.08)، و قانون الالتزامات والعقود، إلى جانب الدوريات والمذكرات التوجيهية الصادرة عن بنك المغرب و التي تهدف في مجملها إلى ضمان الحد الأدنى من الشفافية، والوضوح، والتوازن في العلاقة التعاقدية بين البنك والزبون، خاصة عندما يتعلق الأمر بعقد طويل الأمد، مثل التمويل العقاري.

من أبرز الحقوق التي يتمتع بها المقترض في هذا السياق، الحق في الإعلام المسبق والواضح. فقبل توقيع أي عقد، يلتزم البنك بتقديم كافة المعلومات المتعلقة بالقرض، من بينها مبلغ التمويل، المدة الزمنية، سعر الفائدة (سواء ثابت أو متغير)، مجموع المبالغ التي سيتحملها الزبون خلال مدة السداد، وكذا التكاليف الإضافية مثل الرسوم، والتأمين، والمصاريف المرتبطة بالرهن العقاري. كما ينص القانون صراحة على منح الزبون مهلة زمنية للاطلاع على العقد قبل توقيعه، مع إمكانية الاستشارة مع محامٍ أو مستشار قانوني. وفي هذا الإطار، تُعد أي صيغة غامضة أو غير واضحة في العقد مفسرة لصالح المقترض، حسب ما تنص عليه المادة 65 من قانون حماية المستهلك.

و في هدا الاطار فانه  يحق للمقترض التراجع عن العقد خلال أجل 7 أيام من توقيعه، ما لم يكن قد تم تنفيذه فعليًا. كما أن القانون يحميه من الشروط التعسفية، كفرض فوائد تأخير مفرطة أو اشتراط تأمين معين دون موافقته، أو منعه من إعادة التفاوض بشأن القرض في حال تغيرت وضعيته المالية. ومن أهم المستجدات في هذا الإطار، هو حق المقترض في إعادة جدولة ديونه، أو تمديد مدة القرض، أو طلب تخفيض سعر الفائدة إذا تغيرت أسعار السوق أو واجه صعوبات ظرفية.

ولتأمين القرض، تُفرض في الغالب تغطية تأمينية على الحياة والعجز، وهي خطوة ضرورية تهدف إلى حماية الورثة من أي التزام مالي في حالة وفاة المقترض أو إصابته بعجز دائم. كما أن البنك، عند منح القرض، يطلب في العادة ضمانات قانونية مثل الرهن العقاري، الذي يتم توثيقه أمام عدل أو موثق ويُسجل لدى المحافظة العقارية.

أما في حالة النزاع بين البنك والمقترض، فقد أتاح المشرع عدة آليات قانونية لحل الإشكالات، بدءًا من تقديم  تظلم إلى إدارة البنك، ثم اللجوء إلى الوسيط البنكي أو مفتشية بنك المغرب، قبل سلوك مسطرة التقاضي أمام المحكمة التجارية المختصة. ويؤكد القضاء المغربي في عدة مناسبات على ضرورة حماية الطرف الضعيف في العقد، ويرفض الشروط التي تُلحق ضررًا بالغًا بالمقترض، خاصة تلك التي تنص على فوائد مرتفعة أو مصادرة العقار دون احترام الإجراءات القانونية.

عموما  يمكن القول إن الحماية القانونية للمقترض من أجل السكن في المغرب أصبحت أكثر وضوحًا وتقدمًا بفضل تطور التشريعات وتنصيصها على حقوق جوهرية في مجال القروض العقارية. إلا أن هذه الحماية تظل رهينة بوعي المواطن، الذي يجب عليه قراءة العقد بتمعن، وطلب التوضيحات اللازمة، واستشارة ذوي الخبرة قبل اتخاذ أي التزام مالي قد يستمر لعقود. فبقدر ما أن قرض السكن وسيلة لتحقيق الاستقرار، فهو أيضًا مسؤولية قانونية ومادية تتطلب الحذر، والمعرفة، والتخطيط السليم قبل التوقيع عليه .

 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

InDrive في المغرب بين الواقع و القانون .

ارتفاع أسعار العطل في المغرب… بين حرية الأسعار وغياب المنافسة

التطاول على المقدسات… شجاعة فكرية أم انحراف أخلاقي