InDrive في المغرب بين الواقع و القانون .

 



 InDrive  في المغرب بين الواقع القانوني والتنظيمي: النقل الذكي على محك التشريع

✍️ بقلم: المحامي ماء العينين إعيش
مدونة المحامي ماء العينين إعيش

عرف المغرب في السنوات الأخيرة طفرة في مجال الخدمات الرقمية، شملت مختلف القطاعات، من بينها خدمات النقل الحضري عبر التطبيقات الذكية. ومن بين أبرز هذه التطبيقات، برز InDrive كخدمة تتيح للمواطنين إمكانية طلب سيارات خاصة للتنقل داخل المدن بأسعار تفاوضية.

إلا أن هذا النوع من النقل يطرح مجموعة من الإشكالات القانونية والتنظيمية، لاسيما فيما يتعلق بتكييف هذه الخدمة من حيث مدى مشروعيتها، ومدى مطابقتها للقوانين الوطنية المنظمة للنقل، ومدى تأثرها بالاتفاقيات الدولية المرتبطة بتحرير الخدمات التي سبق و ان وقعها المغرب ،

InDriveŒ  خدمة مرنة ولكن خارج التنظيم التقليدي

تقوم فكرة InDrive على الربط بين الراكب والسائق، مع إمكانية التفاوض المباشر حول السعر، في مخالفة واضحة للنموذج التقليدي الذي يعتمد على عداد الأجرة أو التسعيرة الثابتة. والأهم أن عددًا كبيرًا من السائقين المسجلين على التطبيق يستعملون سيارات خاصة لا تتوفر على مأذونية نقل عمومي مما يجعل هذه الخدمة خارج الإطار القانوني المنظم للنقل، حيث أنها لا تخضع للمراقبة المهنية أو الترخيص التقليدي الذي يخضع له أصحاب سيارات الأجرة أو النقل السياحي.

 ×فالنقل العمومي في المغرب تنظمه و تؤطره مدونة السير على الطرق (القانون 52.05) التي تشترط التوفر على مأذونية لممارسة النقل مقابل أجر و الظهير الشريف الصادر بتاريخ 12 نوفمبر 1963 المنظم لسيارات الأجرة و بعض المذكرات الوزارية و البلاغات الدورية من وزارة النقل  و التي تؤكد منع نقل الأشخاص بمقابل عبر سيارات خاصة غير مرخصة.

بالتالي، فإن كل من يمارس هذا النشاط بسيارة خاصة، يعرض نفسه لمخالفات قانونية قد تشمل الغرامات، الحجز، بل وحتى المتابعة القضائية.

 التطبيقات الذكية واتفاقية GATS

قد يُثار تساؤل حول مدى تأثير الاتفاقيات الدولية، خاصة اتفاقية GATS التابعة لمنظمة التجارة العالمية، على تقنين هذه الخدمات. ورغم أن المغرب طرف في هذه الاتفاقية، التي تدعو إلى تحرير الخدمات، إلا أنها لا تمنع الدول من تنظيم قطاعاتها الحساسة، ومنها النقل.

بالتالي، فالمغرب يحتفظ بحق تقييد أو تنظيم نقل الأشخاص عبر التطبيقات الذكية، حفاظًا على النظام العام وسلامة الركاب ومصالح المهنيين و بالتالي فهل خدمة InDrive قانونية؟

 من الناحية القانونية، تختلف الوضعية بحسب صفة السائق وفق الحالات التالية :

  • إذا كان السائق يتوفر على مأذونية نقل (Taxi) أو سيارة للنقل السياحي، فإن استخدام التطبيق لا يثير مخالفة صريحة، بل يعتبر مجرد وسيلة رقمية لجلب الزبناء.
  • أما إذا كان السائق يستخدم سيارة خاصة دون مأذونية، فذلك يعتبر نشاطًا غير قانوني، ويمكن تكييفه كنقل سري أو غير منظم، يخالف القوانين المنظمة للنقل الحضري.

ورغم هذا، فإن التطبيق لا يمنع تسجيل أي سائق، وهو ما يطرح فراغًا تشريعيًا يجب تجاوزه عبر قانون خاص.

و عموما فان الوضع الحالي يجعل العلاقة بين الأطراف (السائق، الزبون، التطبيق) غير منظمة وغير محمية قانونيًا، مما قد يعرض الجميع لمشاكل عملية وقانونية.لذلك، فإن إصدار قانون خاص ينظم النقل عبر التطبيقات الذكية أصبح ضروريًا، ويجب أن يتضمن:

  • شروط ولوج السوق (السائقين، السيارات، التطبيقات).
  • نظام الترخيص والمراقبة.
  • احترام المنافسة النزيهة مع النقل التقليدي.
  • ضمان حقوق المستخدمين والسائقين.
  • تأطير الجوانب الجبائية والتأمينية.

 فتطبيق InDrive  يجسد التحول الرقمي في مجال النقل الحضري بالمغرب، ويستجيب لحاجة مجتمعية في ظل مشاكل النقل العمومي. لكن في ظل غياب تأطير قانوني واضح يجعل الاستمرار في هذا النمط من الخدمات محفوفًا بالمخاطر القانونيةمما يستلزم تدخل تشريعي يوازن بين تشجيع الابتكار وحماية النظام العام، من خلال نص قانوني حديث وشامل، يُعطي الشرعية والتنظيم لهذا النمط الجديد من النقل الحضري.

✍️ بقلم: المحامي ماء العينين إعيش
مدونة المحامي ماء العينين إعيش

 

 


تعليقات