احدر جريمة التشهير الإلكتروني في المغرب

 

  احدر ❗️❗️

جريمة التشهير الإلكتروني في المغرب 

✍️ بقلمالمحامي ماء العينين إعيش

مدونة المحامي ماء العينين إعيش 

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب مجالًا واسعًا للتعبير عن الرأي، لكنها في المقابل فتحت الباب أمام تجاوزات خطيرة تمس بحرمة الأشخاص وسمعتهم، أبرزها جريمة التشهير الإلكتروني. فمع الانتشار الكبير لتطبيقات مثل فيسبوك، إنستغرام، تيك توك، ويوتيوب، ازداد اللجوء إلى هذه المنصات كوسيلة للتشهير، وهو ما دفع المشرع المغربي إلى التدخل من خلال نصوص قانونية تهدف إلى حماية الحياة الخاصة للمواطنين وصون كرامتهم.

ويُقصد بالتشهير في هذا السياق نشر أو بث معلومات أو ادعاءات أو صور تمس بسمعة شخص معين، سواء كانت صحيحة أو كاذبة، دون رضاه، وبقصد الإضرار به. ويندرج هذا السلوك ضمن الجرائم الماسة بالحياة الخاصة ويعاقب عليها القانون المغربي، خاصة إذا تم التشهير عبر الوسائل الإلكترونية أو المنصات الرقمية.

من أبرز النصوص التي تؤطر جريمة التشهير الإلكتروني نجد القانون الجنائي المغربي، وخاصة الفصول من 447-1 إلى 447-3، حيث. ينص الفصل 447-1 على أنه يُعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة مالية تتراوح بين 2.000 و20.000 درهم، كل من قام عمدًا، وبأي وسيلة من الوسائل، بما في ذلك الأنظمة المعلوماتية، بالتقاط أو تسجيل أو توزيع أقوال أو معلومات أو صور لشخص دون موافقته. كما يشدد الفصل 447-2 العقوبة إذا تعلق الأمر بنشر ادعاءات كاذبة أو صور تمس بالحياة الخاصة. أما الفصل 447-3 فيضاعف العقوبة في حال وجود علاقة زوجية أو قرابة أو عمل بين الجاني والضحية.

إلى جانب ذلك، فإن قانون الصحافة والنشر (القانون 88.13) يُجرّم أيضًا كل أشكال التشهير العلني، ويُميز بين حرية الرأي والتعبير التي يكفلها القانون، وبين المساس بسمعة الأشخاص دون أدلة أو بدافع الإساءة.

وتكتسي هذه الجريمة خطورة خاصة عندما تُرتكب ضد النساء، إذ تعتبر ضمن أشكال العنف الرقمي، ويُعاقب عليها بشكل خاص في إطار قانون 103.13، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بنشر صور أو تسجيلات ذات طابع حميمي، أو بمضايقة رقمية تمس بالخصوصية والكرامة.

و من الناحية العملية، فإن أغلب حالات التشهير تأخذ أشكالًا متعددة، مثل: نشر صور خاصة أو رسائل شخصية دون إذن، اتهام أشخاص بالفساد أو النصب دون دلائل، نشر تسجيلات صوتية أو مرئية بهدف الإساءة، أو حملات منظمة عبر صفحات أو مجموعات ضد شخص معين. ويقع الكثير من الضحايا، نساء ورجالًا، في فخ هذه الأفعال، دون علمهم بأن القانون يوفر لهم الحماية اللازمة.

ولمواجهة هذا النوع من الجرائم، يمكن للمتضرر تقديم شكاية مباشرة إلى وكيل الملك مرفقة بجميع الأدلة المتوفرة (صور، روابط، توثيق رقمي). كما يمكن الاستعانة بمفوض قضائي لتحرير محضر معاينة مجردة، مع المطالبة بالتعويض عن الضرر النفسي والمادي الناتج عن الفعل. مع العلم أن حذف المحتوى بعد نشره لا يُسقط حق المتضرر في المتابعة القضائية، كما أن المشاركة في إعادة النشر أو التحريض يُعتبر مشاركة في الجريمة. ومن هنا تأتي أهمية التحسيس القانوني بعدم التسرع في استعمال وسائل التواصل لتصفية الحسابات أو نشر الإشاعات، لأن ذلك قد يؤدي بصاحبه إلى المساءلة الجنائية.

عموما ما يجب ان يعرفه الجميع ان  التشهير الإلكتروني جريمة يعاقب عليها القانون المغربي بصرامة، ولا يمكن تبريرها بحرية التعبير أو النقد. فكل من شعر بأنه تعرّض لتشهير عبر الإنترنت، له الحق في التوجه إلى الجهات القضائية المختصة، لأن الكرامة حق مقدس والحياة الخاصة محمية دستوريًا وقانونيًا.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

InDrive في المغرب بين الواقع و القانون .

ارتفاع أسعار العطل في المغرب… بين حرية الأسعار وغياب المنافسة

التطاول على المقدسات… شجاعة فكرية أم انحراف أخلاقي