الكراء اليومي للشقق المفروشة بالمغرب: فرصة ربح أم فخ قانوني
الكراء اليومي
للشقق المفروشة بالمغرب: فرصة ربح أم فخ قانوني؟
✍️ بقلم: المحامي ماء
العينين إعيش
يُعتبر كراء الشقق المفروشة بالمغرب من الأنشطة
التي عرفت انتشارًا واسعًا خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في المدن السياحية
الكبرى مثل مراكش، أكادير، طنجة، فاس والدار البيضاء. فمع ارتفاع الطلب على
الإيواء المؤقت، سواء من طرف السياح الأجانب أو المواطنين المغاربة، برزت ظاهرة
الكراء القصير الأجل أو اليومي كشكل جديد من التعاقدات التي تفرض تحديات قانونية
وتنظيمية متزايدة.
ورغم أن الكثير من المالكين والمستغلين يعتقدون أن
هذا النوع من الكراء لا يخضع لتنظيم دقيق، فإن الحقيقة القانونية تؤكد عكس دلك ،
فقد صدر في المغرب الظهير الشريف المؤرخ في 11 يناير 1932، و الدي لا يزال
ساري المفعول، حيث ينظم بشكل واضح ومباشر كراء الغرف والشقق المفروشة المعدة
للإقامة المؤقتة، وهو النص الأساسي الذي يجب على كل مالك أو مستعمل لهذا النوع من
العقارات أن يكون على دراية بمقتضياته.
و هنا سنحاول توضيح الإطار القانوني الذي يحكم او ينظم كراء الشقق المفروشة بالمغرب، مع بيان
التزامات وحقوق كل من المالك (المكري) والمكتري (الزبون)، وتقديم إضاءات قانونية
تُجنّب الطرفين الوقوع في المشاكل القانونية أو الإدارية.
×الإطار القانوني: ظهير 11 يناير 1932
يُعد هذا الظهير المرجع الأساسي الذي ينظم الكراء
القصير الأجل بالمغرب، وقد جاء لحماية النظام العام، وتعزيز الأمن، وضبط العلاقة
التعاقدية بين الأطراف. وقد نصّ على مجموعة من الالتزامات التي يتعين على المكري
(صاحب الشقة أو الغرفة المفروشة) التقيد بها، وفي مقدمتها:
التصريح المسبق بالنشاط لدى السلطات
المحلية (القيادة أو الباشوية).
مسك سجل خاص يُدوَّن فيه
يوميًا اسم كل مكتري، ورقم بطاقة تعريفه أو جواز سفره، وتاريخ الدخول والخروج،
ومكان الإقامة الأصلي.
الاحتفاظ بهذا السجل في الشقة،
وجعله رهن إشارة السلطة الأمنية عند المراقبة.
الامتناع عن الكراء لأغراض غير قانونية، كالدعارة أو الإتجار بالمخدرات، مع تحمل المسؤولية القانونية في حالة وقوع
ذلك داخل الشقة.
و من هنا
يمكننا تحديد التزامات وحقوق المالك (المكري صاحب الشقة )
من خلال مقتضيات الظهير، وبالرجوع إلى القواعد
العامة في قانون الالتزامات والعقود، فإن المالك الذي يكرِي شقة مفروشة بشكل يومي
يتحمل مسؤوليات متعددة، نذكر منها:
×التزامه بالتصريح بالنشاط والتقيّد
بالقوانين التنظيمية، لتجنب المتابعة القانونية أو الغرامات.
×مسؤولية تحقّق من هوية المكتري وتسجيلها،
ضمانًا لعدم استعمال الشقة لأغراض مشبوهة.
×القيام بالتصريح الضريبي بمداخيل
الكراء، لأن هذا النشاط يدخل ضمن خانة الأنشطة المولدة للدخل، ويخضع للضريبة على
الدخل.
×الحق في فرض شروط محددة للاستعمال، مثل منع الزوار ليلاً أو اشتراط عدد معين من المقيمين.
×الحق في التعويض عن أي ضرر
يلحق الشقة أو تجهيزاتها نتيجة استعمال غير مسؤول من طرف المكتري.
اما بخصوص حقوق
و واجبات المكتري اي الطرف الذي
يستفيد من الشقة المفروشة لفترة قصيرة، لكن رغم قِصر المدة، فإنه ملزم قانونًا
بعدد من الالتزامات، وله حقوق يمكن تحديدها فيما يلي:
×الحق في الاستفادة من شقة نظيفة وصالحة للسكن، كما تم الاتفاق عليه.
×الحق في احترام خصوصيته وعدم التعرض
له من طرف المكري طالما لا يخرق القانون.
×ا استعمال الشقة في الحدود
المتفق عليها، دون إزعاج السكان أو الإضرار بممتلكات الغير.
×تسليم الشقة في حالتها الأصلية عند انتهاء
مدة الإيجار، وتحمل تكلفة أي تلف ناتج عن سوء الاستعمال.
×الإدلاء بوثائق الهوية الحقيقية، مع الامتناع
عن تقديم بيانات وهمية أو مضللة.
غير ان الواقع
العملي يبرز مجموعة من الاختلالات والمخاطر و ممارسات مخالفة للقانون و هي
- الكراء
العشوائي دون
تصريح، ودون مسك سجل للمكترين، مما يجعل الشقق عرضة للاستغلال في أنشطة غير
قانونية.
- غياب
توثيق العلاقة التعاقدية، مما
يصعّب على الطرفين اللجوء إلى القضاء في حالة النزاع.
- تهرب
ضريبي واسع من طرف
عدد من المالكين، نتيجة عدم التصريح بمداخيل الكراء.
- إزعاج
مستمر للسكان المجاورين بسبب
دخول وخروج الزبائن المتكرر، وما يصاحب ذلك من ضجيج أو تصرفات غير لائقة.
- تحمل
المكري للمسؤولية الجنائية حتى في حال عدم علمه بما يجري داخل الشقة، إذا ثبت أنه أهمل مراقبة
نشاطه أو خرق مقتضيات الظهير.
الامر الدي
يستلزم لتفادي المشاكل القانونية والإدارية:
- تحرير عقد
كراء مكتوب ولو مبسط، يتضمن البيانات الأساسية ومدة الكراء والسعر
والشروط.
- التزام
المكري بـمسك سجل ورقي أو رقمي بالمكترين، ووضع نسخة من وثائق الهوية
في الأرشيف الخاص.
- وضع شروط
استعمال واضحة تُبلّغ
للمكتري قبل تسليم الشقة.
- الامتناع
عن الكراء لأي شخص يرفض الإدلاء بهويته أو يثير الشك.
- احترام
المقتضيات الجبائية، من خلال التصريح بالمداخيل وتفادي الغرامات.
و عموما فانه بالنظر لتطور الواقع السياحي والتقني، وظهور منصات
رقمية كـ Airbnb و Booking، فقد
أصبح من الضروري أن يتدخل المشرّع المغربي لإصدار قانون جديد خاص بالكراء
السياحي القصير الأجل، يُدمج مقتضيات ظهير 1932 ضمن رؤية حديثة وشاملة، ويُبسط
المساطر، ويُوفر حماية قانونية متوازنة لجميع الأطراف ضمانًا لسلامة المجتمع.
https://avocatmalainine.blogspot.com/
✍️ مدونة: المحامي
ماء العينين إعيش
تعليقات
إرسال تعليق