حماية معطياتك الشخصية في زمن الرقمنة
حماية
الحقوق الرقمية في العصر الحديث
في عصرنا الرقمي الذي تتزايد فيه عمليات جمع وتبادل
البيانات الشخصية بشكل هائل، أصبحت حماية المعطيات الشخصية من أهم القضايا التي
تواجه الأفراد والمؤسسات على حد سواء. ومع التطور التكنولوجي السريع، نشأت حاجة
ملحة لوضع قوانين وتشريعات تحمي الأفراد من استخدام بياناتهم الشخصية بشكل غير
قانوني أو ضار.
و في هذا السياق، جاء قانون رقم 08-09 المتعلق
بحماية المعطيات الشخصية في المغرب ليضع إطارًا قانونيًا شاملاً يهدف إلى
تنظيم جمع ومعالجة وتخزين ونقل البيانات الشخصية بما يحفظ الخصوصية ويضمن حقوق
الأفراد و يُعرف القانون المعطيات الشخصية بأنها "كل معلومة تتعلق بشخص طبيعي
محدد أو يمكن تحديده"، سواء كانت هذه المعلومات اسمًا، عنوانًا، رقمًا
هاتفياً، بيانات مالية أو صحية، أو أي بيانات أخرى قد تكشف عن هوية الفرد أو حياته
الخاصة.
و في هدا الاطار اسند المشرع تنفيذ هذا القانون
والإشراف عليه الى الهيئة الوطنية لحماية
المعطيات الشخصية (CNDP)، والتي
تعمل كجهة مستقلة لمراقبة احترام القانون، والنظر في الشكايات المتعلقة بانتهاك
حقوق الأفراد في حماية بياناتهم.
و من بين المبادئ الأساسية التي يقوم عليها
القانون، مبدأ الموافقة المسبقة من صاحب البيانات قبل جمع أي معلومة شخصية
عنه ، ويجب أن تكون هذه الموافقة واضحة وصريحة. كما يلتزم المعالجون للبيانات،
سواء كانوا شركات أو مؤسسات حكومية، بضمان سرية هذه البيانات وحمايتها من أي تسريب
أو استخدام غير مشروع.
كذلك يضمن القانون للأفراد حق الاطلاع على
بياناتهم الشخصية التي تمت معالجتها، وحق تصحيحها إذا كانت غير دقيقة، وحق مسحها
في بعض الحالات التي لا تكون فيها
البيانات ضرورية للاستمرار في المعالجة.
كما يشتمل القانون أيضًا على آليات تضمن تطبيقه،
منها ضرورة قيام المؤسسات بتقديم طلب تصريح مسبق إلى الهيئة الوطنية لحماية
المعطيات الشخصية قبل الشروع في معالجة بيانات حساسة أو واسعة النطاق. كما يحدد
القانون عقوبات قانونية على من يخالف أحكامه، قد تصل إلى غرامات مالية كبيرة أو
حتى العقوبات الجنائية في بعض الحالات.
و مع ذلك، يواجه تطبيق هذا القانون عدة تحديات.
أولها ضعف وعي الجمهور والمؤسسات بأهمية حماية البيانات وحقوقهم، حيث لا يزال
الكثيرون يتعاملون مع البيانات الشخصية بدون حرص كافٍ على سرية هذه المعلومات. كما
أن التطور السريع للتقنيات الرقمية يفرض تحديثات مستمرة على التشريعات لتواكب كل
جديد، وهو ما يشكل عبئًا على الهيئة الوطنية وصانعي القرار.
كما انه من الناحية الاقتصادية، يوفر القانون
إطارًا قانونيًا يعزز ثقة المستثمرين والعملاء في التعامل مع المؤسسات المغربية،
خصوصًا في القطاعات الرقمية والخدمات الإلكترونية، حيث تعد حماية البيانات عاملًا
أساسيًا للنجاح.
و عموما فان القانون 08-09 يمثل المتعلق بحماية المعطيات الشخصية في المغرب
خطوة حيوية نحو تأمين حقوق الأفراد في العصر الرقمي، ويحث على تعزيز الوعي
والتطبيق الفعال لضمان خصوصية بيانات الجميع وحمايتها من سوء الاستخدام.
✍️ مدونة: المحامي
ماء العينين إعيش
https://avocatmalainine.blogspot.com/
تعليقات
إرسال تعليق